الجمعة، 1 فبراير 2013

زهرة رحيقها الفقدان


زهرة رحيقها الفقدان
للكاتبة : رقية النبهانية
1 \ 2\ 2013 الجمعة
***

ولآن الحياة لا تمضي إلا بالأحزان
قد بنيت لك في قلبي سياج
يمنعك من الخروج
لتبقى إلى الأبد
وأفقدك أكثر
***
الفصل الأول :
قيس
كان صعب جدًا عليّ أن استيقظ من الفراش اليوم ، ولأنها كانت ليلة تعيسة ، حزينة ، مؤلمة جدًا حد البكاء ، ولا أقوى حتى النهوض والحركة ، ربما لأنني نسيت كيف أحرك أعصابي وأحرك قدمي وجسدي وكأنه جسد ميت بلا روح .
سأفقد غدا وجه اعتدت أن أراه كل يوم في الصباح الباكر عند ذهابي إلى العمل . والحياة التي كنت ارسمها لنا سويا اصبحت رمادية أبيض وأسود ولا توجد لها ألوان مبهجة تفتح شهية قلبي ابدًا ، كل شيئًا مختلف .
الفقدان الذي حدث لي قد يأخذ مني كل لحظة أحببت تلوينها بفرشاة الألوان التي كنت أستخدمها في رسم زهرة ألوانها كـ قوس الرحمن . لعل الذكرى التي كنت أرسمها قد سحبت مني العبرات لكي اقول لا ، لا ترحل أنني أنتظرك .
حاولت الاستيقاظ لكي اكمل مسير يومي الذي أمر به ، ذهبت لأغسل وجهي وأرى نفسي في المرآة ،لست تلك السيدة الجميلة ولا مثل جمال سندريلا البيضاء ولا حتى سالي . أصبحت مثل عمت الثلج الأبيض أحمل ملامح التعب وعدم الرضا .
وخرجت من الغرفة لأذهب إلى أمي وأقبل رأسها وأرى ملامح الرضا والحنان في عيناها الصغيرتين وأنظر إلى أخي المتشائم بكل لحظات الحياة ،لا أدري من هو المتشائم أنا أم هو !!
عميقة هي انفاسي ولا أدري لما هذا الشهيق والزفير الغير مرغوب به . جلست على الكرسي المتحرك وأن أتمتم تمتمة  وأهذي باسمك وأتحدث وأطمئن قلبي بأنك موجود . لم تخذك الظروف والعبارات . وهكذا مضيت أفعل إلى أن انتبهت إلى كلمات أبي وهو يقول :
ما بها أميرتي !
تهذي وغير موجودة معنا
أبتسم له وذهبت لكي ألقي إليه تحيه الصباح التي أعتدت أن أفعلها كل يوم لأكون تلك الفتاة المهذبة ،حبيبة أبيها ، وعون أمها . أذكر أنني سمعتك مرة تقول لي كلمات جميلة
أشكوك للسماء
أشكوك للسماء
كيف استطعتِ ، كيف ، أن تختصري
جميع ما في الكون من نساء * ( نزار قباني )
كنت أحمل كل ثقل الغرور في رأسي وأمشي به أمام الناس وأقول أنا مميزة أنا مختلفة أنا لا يستهان بها. وأرى في تلك اللحظة عيون الحاسدين تقبلني في الخدين وكأنها تتمنى زوال النعمة التي لدي . كم أكرههم جميعًا . عندما كنت أحكي لك ما يحصل لي كنت ترد
لا تقلقي . يا حلوة الحلوات
ما دمت في شعري وفي كلماتي
قد تكبرين مع السنين .. وإنما
لن تكبرين أبدا .. على صفحاتي * نزار قباني
كل الكلمات التي كنت تقتبسها أحبها جدًا تقودني إلى الجنون بك . أين أنت يا من أرهق قلبي عشقا ولوعة وأحزانًا وشوقًا لا مثيل له حتى في قلب إنسان !!
أبي أنت لي سند وأخي أنت لي عون وأمي أنتِ لي القلب الحنون ،لكن أعتذر وأن كان الاعتذار واجد سأعتذر فأنا أراه فيكم جميعا في خوف أبي علي وفي حرص أخي دائما وأحب أمي الذي لا مثيل له .لقد اشتقت له بحجم السماء الزرقاء .
عندما أنهيت من الفطور لم يكون عليّ سوى الدخول إلى الغرفه وافتح باب الشرفه وأنظر بلهفة إلى الزهرة التي تركتها هناك لأيام بلا ماء ، أعلم أنها تشكو من تقصيري تجاهها ،وأعلم أنها قد كرهتني ، سامحيني عزيزتي . فأنت الوحيدة التي تعلمين ما في قلبي وما كنتُ أشكو منه طوال تلك الأيام .
وحيدة ، ومن كل شيء عارية
سوى ذكرى أربكتني
تقيدني بـ سلاسل مفخخة..بلا رحمة ، بلا شفقة
لـ تفترسني الذكريات كل ليلة
وأبقى أنا وحيدة تحت ستار الليل
لا مأوى لا سكن ..لا حرف يترجمني
ولا نبض يحدق كياني
فقط وحيدة وحيدة  * ( سماح آل سعيد )
***
الفصل الثاني
منى
هل تعلمين ماذا حدث لي يوم فراقك ، لا أظن أنك تتصورين لكن الحدث إلى حدث لي حطم كل صلة تربطني بك ، سامحيني سأكون بقربك ، لا أقوى فراقك
فأنت عمري ،وأنت حياتي ، وأنت انفاسي فقطَ
لم أنساكِ قط ،ولم أفكر حتى بترككَ لكن سامح الله قلبًا أخلص وبكى
 *  وكلما انفصلتُ عن واحدة
أقول في سذاجة
سوف تكون المرأة الأخيرة
والمرة الأخيرة
وبعدها سقطت في الغرام ألف مرة
ومت ألف مرة
ولم أزل أقول
" تلك المرة الأخيرة " ( نزار قباني )
سامحيني يا منى لم أعرف المستقبل ما قد يخبئ لنا ولم أعرف أنني سـ أرحل بدونك ، لكن ستبقين في قلبي إلى الأبد . أحبكِ
جميع ما قالوه عني صحيح
جميع ما قالوه عن سمعتي
في العشق والنساء قول صحيح
لكنهم لم يعرفوا أنني
أنزف في حبك مثل المسيح * نزار قباني
***
الفصل الثالث
فراق أو لا فراق ....
إني أعلنت عليك الغفران
ولست بنادمة
لأنني أنفقت عليك
جسدي وروحي ... * ( غادة السّمان )
أنت تعلم أنني سأغفر لك ما قد فعلته ، فأنني أحكم على عقلي بأن يفرق بين الحق والباطل وأن القلب المحب لا يعرف القسوة ، سوى أنني أدركت الغفران والتسامح من أول يوم رأيتك فيه تعاني من أيامك ، عد إلي ولا أريد عذر ولا كلمات سوى أن أراك كل يوم وتشفي نزيف قلبًا أحبكَ بجنون وشوق وهذيان ، فأنا لا أعيش حياتي إلا مرة واحدة عد إلي عد فأنا هنا ..
تعال لتروي هذه الزهرة الحزينة بفرح يملؤه رقصة الفرشاة وحماس النحلات ، أين أنت ؟
أين تلك الأماني الجميلة ، أين تلك اللمسة الهادئة والملامح الرجولية !
أعلم أن النهاية قريبة لكن سأنتظر ، وأن كان رحيلي قريب ، لا تنسى هذه الزهرة
فهي تعرف جميع أسراري وكيف كان حالي بك وبدونك . لا تنسى
* المحبة منذ البدء لا تعرف
عمقها إلا ساعة الفراق ... * جبران خليل جبران


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق